يحكى أن ابنا لشريح القاضي قال لأبيه إن بيني وبين قوم خصومة فانظر في الأمر، فإن كان الحق لي خاصمتهم، وإن لم يكن لي الحق لم أخاصمهم، ثم قص قصته عليه فقال شريح: انطلق إليهم فخاصمهم فخاصمهم ابنه أمام أبيه القاضي، فقضى شريح على ابنه! فقال ابنه له لما رجع إلى أهله: والله لو لم أتقدم إليك بطلب النصح لم ألمك .. فضحتني!
فقال شريح: يا بني، والله لأنت أحب إليَّ من ملء الأرض مثلهم، ولكن الله هو أعز علي منك، خشيت أن أخبرك أن القضاء عليك فتصالحهم على مال فتذهب ببعض حقهم!
[بين شريح وعلي بن أبي طالب]
لما توجه عليّ - رضي الله عنه - إلى صفين، افتقد درعًا له، فلما انقضت الحرب ورجع إلى الكوفة، أصاب الدرع في يد يهودي، فقال لليهودي: الدرع درعي، لم أبع ولم أهب. فقال اليهودي: درعي وفي يدي.
فقال: نصير إلى القاضي. فتقدم عليّ، فجلس إلى جنب شريح، وقال: لولا أن خصمي يهودي لاستويت معه في المجلس، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"أصغروهم من حيث أصغرهم الله".
فقال شريح: قل يا أمر المؤمنين.
- فقال: نعم. هذه الدرع التي في يد هذا اليهودي درعي، لم أبع ولم أهب.
فقال شريح: أيش تقول يا يهودي؟
قال: درعي وفي يدي.
فقال شريح: ألك بينة، يا أمير المؤمنين؟
قال: نعم، قنبر والحسن يشهدان أن الدرع درعي.
فقال شريح: شهادة الابن لا تجوز للأب.
فقال علي: رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"الحسن والحسين سيدا أهل الجنة" فحكم القاضي بالدرع إلى اليهودي.