قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"[رواه البخاري].
[الإنفاق والإخلاص]
يقول تعالى:{وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٧٢].
يقول سيد قطب: إن هذا هو شأن المؤمن لا سواه، إنه لا ينفق إلا ابتغاء وجه الله، لا ينفق عن هوى ولا عن عرض، لا ينفق وهو يتلفت للناس يرى ماذا يقولون، لا ينفق ليركب الناس بإنفاقه ويتعالى عليهم ويشمخ، لا ينفق ليرضى عنه ذو سلطان، أو ليكافئه بنيشان، لا ينفق إلا ابتغاء وجه الله، خالصا متجردا لله، ومن ثم يطمئن لقبول الله لصدقته، ويطمئن لبركة الله في ماله، ويطمئن لثواب الله وعطائه، ويطمئن إلى الخير والإحسان من الله جزاء الخير والإحسان لعباد الله، ويرتفع ويتطهر ويزكو بما أعطى وهو بعد في هذه الأرض، وعطاء الآخرة بعد ذلك كله فضل" (١).
[دعوة إلى الإنفاق]
لم يكتف القرآن بالدعوة إلى إطعام المسكين، والتحذير من إهماله، بل جعل في عنق كل مؤمن حقا للمسكين أن يحض غيره على إطعامه {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)} [الحاقة: ٢٥ - ٣٤].
وهذا أبو الدرداء يقول لامرأته: يا أم الدرداء، إن لله سلسلة لم تزل تغلي بها مراجل النار منذ خلق الله جهنم، إلى أن تلقى في أعناق الناس، وقد نجانا الله من نصفها بإيماننا بالله العظيم، فحضي على إطعام المسكين يا أم الدرداء.
وفي سورة الماعون جعل الله من علامات التكذيب بالدين قهر اليتيم وعدم الحض على إطعام المسكين: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣)} [الماعون: ١ - ٣].