للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحِلم

الحلم: هو الأناة وضبط النفس عند الغضب، قال تعالى عن صفات عباد الرحمن: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣].

من أسماء الله الحسنى: الحليم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: ١٥٥].

والحليم معناه أنه ذو الصفح والأناة الذي لا يعجل بالعقوبة مع المقدرة؛ فلا يستفزه غضب، ولا يلحقه جهل جاهل ولا عصيان عاص، بمعنى أنه تعالى هو الذي يسامح الجاني مع استحقاقه للعقوبة والمؤاخذة بالذنب، وهو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله شيء على المسارعة إلى الانتقام مع غاية الاقتدار كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: ٤٥].

[حلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع زيد بن سعنة]

وهو حبر يهودي، عالم بالكتاب، يقول في قصة إسلامه: لم يبق من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد حين نظرت إليه، إلا اثنتين، لم أخبرهما منه، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله.

قال: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال: يا رسول الله، إن قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، فكنت حدثتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق غدا، وقد أصابتهم سنة، وشدة، وقحوط من الغيث، وإني أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به.

قال: فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل بجانبه -أراه عليا- فقال: ما بقي من شيء يا رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>