للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجرد من أي عاطفة فيها معنى الغيرة الوطنية.

قابلت بعد ذلك مدير الشركة، وسألته عما ينقمه من فضيلة الشيخ، فلم أجد عنده إلا أنهم يريدون شخصا يستسلم لمطالبهم، وكان من كلامه كلمة لا أزال أذكرها: إنني صديق للكثير من زعماء المسلمين ولقد قضيت في الجزائر عشرين سنة، ولكني لم أجد منهم أحدًا كهذا الشيخ، الذي ينفذ علينا هنا أحكاما عسكرية كأنه جنرال تماما.

فناقشته في هذا الكلام وأفهمته أنه مخطئ وأن الشركة هي التي تقسو على العمال وتنقص من حقوقهم، وتستصغر إنسانيتهم، وتبخل عليهم وتقتر من أجورهم، في الوقت الذي يتضاعف ربحها ويتكدس، وأن من الواجب علاج هذه الحال بعلاج نظم هذه الشركات، ووجوب قناعتها باليسير من الربح، واتفقنا أخيرا على أن يبقى الأستاذ فرغلي شهرين حيث هو، وأن تقوم الشركة بتكريمه عند انتهاء هذه المدة، وأن تطلب رسميا من الإخوان أن يحل محله واحد من المشايخ، وأن تضاعف للشيخ الجديد راتبه، وتعني بمسكنه ومطالبه، وفي نهاية المدة عاد فضيلة الشيخ فرغلي وتسلم مكانه فضيلة الأستاذ شافعي أحمد واستمرت الدعوة تشق طريقها في هذه الصحراء مجراها ومرساها" (١).

المسلم عالي الهمة لا يطلب مالا من أحد وإنما يعتز بنفسه، ويسعى لنشر دعوة الإسلام في كل مكان.

[الإيمان وعلو الهمة]

يقول القرضاوي: الإيمان هو قوة الخلق، وخلق القوة، وروح الحياة، وحياة الروح، وسر العالم، وعالم الأسرار، وجمال الدنيا، ودنيا الجمال، نور الطريق، وطريق النور.

الإيمان هو واحة المسافر ونجم الملاح، ودليل الحيران، وعدة الحارب، ورفيق الغريب، وأنيس المستوحش، ولجام القوي، وقوة الضعيف.

الإيمان هو مصنع البطولات، وتحقق المعجزات، ومفتاح المغاليق، ومنارة الهدى في كل طريق (٢).

...


(١) من أعلام الحركة الإسلامية ٥٠٠: ٥٠٢.
(٢) الإيمان والحياة ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>