وأدى الله عنك، أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت بدني أن أفتن فيه أو يعبث بي.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ويل أمه محشى (مشعل) حرب لو كان معه رجال".
فلما بلغ المستضعفين بمكة قول الرسول- صلى الله عليه وسلم -:"محشى حرب لو كان معه رجال " إذا بهم يتبعونه بالعيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قوافل قريش إلى الشام وكانوا سبعين رجلاً، فقطعوا الطريق على قريش وعمدوا إلى كل قرشي أو قافلة تمر فيقتلونهم، حتى كتبت قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم، فآواهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقدموا عليه المدينة.
[الصنم والكلب]
كان لعمرو بن الجموح صنم يعبده، فلما أسلم ابنه معاذ فكر في حيلة يهدي بها أباه، ويثبت له أن الأصنام لا تضر ولا تنفع. وذات ليلة، انتظر هو وصديقه معاذ بن جبل حتى نام أبوه، وأخذا الصنم ووضعاه في حفرة قذرة، وفي الصباح، لم يجد عمرو صنمه، فغضب وظل يبحث عنه، حتى وجده في الحفرة، فأحضره وغسل عنه النجاسة، وكرر معاذ في الليالي التالية ما فعله بالصنم، فضاق عمرو بما يحدث لصنمه، فأحضر سيفه وعلقه على الصنم، حتى يدافع به نفسه إن كان يستطيع ذلك، وجاء المعاذان ليلاً وأخذا الصنم، وربطاه في كلب ميت، وألقياهما في بئر مليئة بالقاذورات، وفي الصباح، لم يجد عمرو صنمه، فبحث عنه، فوجده في البئر مربوطًا في الكلب، فعلم أنه لا يضر ولا ينفع، وانشرح صدره للإسلام فأسلم.
[الفتى الذكي]
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقرب الصحابة الذين حاربوا في غزوة بدر
من مجلسه، وكان يجلس معهم عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - فتضايق بعض القوم من ذلك
لصغر سن ابن عباس فأراد عمر أن يعرفهم علم ابن عباس ومنزلته، فدعاه ذات يوم إلى
مجلسه، وأدخله على كبار القوم، وقال لهم: ماذا تقولون في تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ
نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وسكت الباقون.