عليها، مما يؤدي إلى الملل، وترك الواجبات، وترك ما أحل الله تعالى لعباده، وإلزام الإنسان نفسه بما لا يلزمه به الشرع، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "هلك المتنطعون" قالها ثلاثا، والمتنطعون: أي المتشددون في غير موضع التشدد [رواه مسلم].
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟! قال أحدهم. أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكنى أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"[رواه البخاري].
[ومن أمثلة الاعتدال في العبادة]
عدم الإطالة بالناس في صلاة الجماعة، لما في ذلك من مشقة على المصلين، لأن فيهم الضعيف، والشيخ، وذا الحاجة، أما إذا صلى منفردا فليطل كما شاء.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فيها.
قال: فما رأيت النبي قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ، ثم قال:"أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الكبر والضعيف وذا الحاجة"[رواه البخاري].
ويقول جابر بن سمرة - رضي الله عنه -: كنت أصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلوات، فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا (والقصد ما بين الطول والقصر)[رواه مسلم].
كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاعتدال في قيام الليل، وكانت من سنته أن يصلي أقل من ثلثي الليل، أو نصفه أو ثلثه، فعن عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي امرأة فقال:"من هذه؟ " فقلت: امرأة لا تنام (تصلي) قال: "عليكم من العمل ما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا"[رواه مسلم].
كما نهى - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال في الصوم، رحمة بأمته، ولأن المؤمن القوي خير وأحب إلى