للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدمني على قاضيه، وقاضيه قضى عليه! أشهد أن هذا هو الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وأن الدرع درعك.

[الراعي والرعية رحمة وعدل]

كان بريد عمر بن عبد العزيز لا يعطيه أحدٌ من الناس -إذا خرج- كتابًا إلا حمهل.

فخرج بريد من مصر، فدفعت إليه فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح كتابًا تذكر فيه أن لها حائطًا قصيرًا، وأنه يقتحم عليها منه، فيسرق دجاجها، فكتب إليها عمر:

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح. بلغني كتابك وما ذكرت من قصر حائطك، وأنه يُدخل عليك فيه، فيُسرق دجاجك، فقد كتبت لك كتابًا إلى أيوب بن شُرحبيل -وكان أيوب عماله على صلاة مصر وحربها- آمره أن يبني لك ذلك حتى يُحصنه لك مما تخافين إن شاء الله، والسلام.

وكتب إلى أيوب بن شرحبيل: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى ابن شرحبيل، أما بعد: فإن فرتونة مولاة ذي أصبح كتبت إلي ذكر قصر حائطها، وأنه يسرق دجاجها، وتسأل تحصينه لها. فإذا جاءك كتابي هذا؛ فاركب أنت بنفسك إليه حتى تُحصنه لها.

لما جاء الكتاب إلى أيوب؛ ركب ببدنه حتى أتى الجيزة يسأل عن فرتونة حتى وقع عليها، وإذا هي سوداء مسكينة، فأعلمها بما كتب به أمير المؤمنين فيها، وحصنه لها.

[عدل وثبات]

كتب المنصور إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر، فادفعها إلى القائد.

فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر، فلست أُخرجها من يده إلا ببينة.

فكلتب إليه المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى القائد.

فكلتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجنها من يد التاجر إلا بحق.

فلما جاءه الكتاب، قال: ملأته، والله، عدلاً، وصار قُضاتي تردني إلى الحق.

**

<<  <  ج: ص:  >  >>