للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالسلوك الحميد واللمحة الطيبة والمعاملة الحسنة، علينا أن نبلغها بالدفاع عنها بالفكر والجهاد والقلم واليد واللسان، حتى تصل إلى الناس جميعًا، وحتى نؤدي واجب هذه الدعوة (١).

[حزن عميق]

والله إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لما حل بأمة الإسلام لمحزونون!!

أهذه هي الأمة التي زكاها ربها، وكرمها في قرآنه حين قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠].

أهذه هي الأمة التي زكاها ربها بالاعتدال والوسطية، فقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣].

أهذه هي الأمة التي زكاها الله في القرآن بالألفة والوحدة، فقال سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٩٢].

ألا يا نفس ويحك ساعديني ... بسعي منك في ظلم الليالي

لعلك في القيامة أن تفوزي ... بطيب العيش في تلك الفلالي

[الخوف من الله دفعه للشهادة]

ثابت بن قيس رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم هلعًا جزعًا ترتعد فرائصه خوفًا وخشية، فقال له: "ما بك يا أبا محمد؟! " فقال: أخشى أن أكون قد هلكت يا رسول الله. قال: "ولم؟! " قال: لقد نهانا الله عز وجل عن أن نحب أن نحمد بما لم نفعل، وأجدني أحب الحمد، ونهانا عن الخيلاء، وأجدني أحب الزهو، فما زال الرسول صلوات الله وسلامه عليه يهديء من روعه حتى قال: "يا ثابت، ألا ترضى أن تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا وتدخل الجنة؟ " فأشرق وجه ثابت بهذه البشرى، وقال: بلى يا رسول الله، بلى يا رسول الله، فقال الرسول: "إن لك ذلك".

فأقبل ثابت على الجهاد، لطلب الشهادة ودخول الجنة، ومضى به الأجل إلى حروب الردة ضد مسيلمة الكذاب ومدعي النبوة، وفيها تحنط ثابت وتكفن ووقف على رءوس


(١) شهيد أيقظ أمة: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>