الأسف، الرجولية قوة معجونة في طين الطبع، والأنثوية رخاوة، ولد السبع عزيز الهمة، وابن الذئب غدار، وكل إلى طبعه عائد، الجد كله حركة، والكسل كله سكون، إذا أردت أن تعرف الديك من الدجاجة حين يخرج من البيض، فعلقه بمنقاره، فإن تحرك فديك، وإلا فدجاجة. فُتُورك في السعي في طلب الفضائل دليل على تأنيث العزم.
[نداءات]
يا من قد بلغ أربعين سنة، وكل عمره نوم وسنة، يا متعبًا في جمع المال بدنه؟ ثم لا يدري لمن قد أخزنه؟ أعلم هذه النفس الممتحنة، إنها بكسبها مرتهنة، ألا ليعتبر المغرور بمن قد دفنه؟ كم رأى جبارا قد فارق مسكنه؟ أيا راحلين بالإقامة، يا هالكين بالسلامة، أين من أخذ صفو ما أنتم في كدره؟ أما وعظكم في سيره بسيره؟ بلى قد حمل بريد الإنذار أخبارهم، وأراكم تصفح الآثار آثارهم.
[احذر الغرق]
عن المقداد - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون كمقدار ميل" -قال: أبو سليم بن عامر الراوي عن المقداد: فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين- فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، رمنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقوية، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما وأشار بيده إلى فيه" [رواه مسلم].
[إخواني]
كم أخرج الموت نفسًا من دارها لم يدارها، وكم أنزل أجسادًا يجارها لم يجارها، وكم أجرى العيون كالعيون بعد قرارها.
يا معرضاً بوصال عيش ناعم ... ستصد عنه طائعاً أو كارهاً
إن الحوادث تزعج الأحرار عن ... أوطانها والطير من أوكارها
[أين هؤلاء؟!]
يقول ابن الجوزي: أين من ملك المغارب والمشارق، وعمر النواحي وغرس الحدائق،