قال: لأنك إن وليتني عزلتني، وإن ولاني ربي لم يعزلني أحد.
فقال الأمير: سل حاجتك.
فقال: حاجتي أن ترد عليَّ شبابي.
فقال: ليس ذلك إليَّ.
قال: هل لك حاجة أخرى؟
قال: أن تكتب إلى مالك خازن النار أن لا يعذبني.
قال: ليس إليَّ ذلك أيضًا، قال: هل لك حاجة أخرى؟
قال: أن تكتب إلى رضوان خازن الجنان يدخلني الجنة.
قال: ليس ذلك إليَّ أيضًا.
قال أبو غياث: فإنها مع الرب الذي هو مالك الحوائج كلها، لا أسأله حاجة إلا أجابني إليها، فخلى الأمير سبيله.
المسلم الإيجابي يدعو إلى الخير، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويتذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم"[رواه الترمذي].
[الجبين المرفوع]
كان حسن الهضيبي أول من كسر تقاليد الانحناء بين يدي الملك، عند حلف اليمين القانونية التي يؤديها القضاة أمامه قبل تولي مناصب المستشارين، إذ كانت دفعته حوالي عشرة، سبقه منهم خمسة لم يترددوا في الانحناء عند حلف اليمين رغم تهامسهم بالتذمر من هذا التقليد المهين، حتى إذا جاء دور الهضيبي الواهن البنية، الصامت اللسان، فاجأ الجميع بأن مد يده لمصافحة الملك وأقسم اليمين منتصب القامة مرفوع الجبين، بصورة أنعشت الإباء فيمن بعده وتبعه سائر المستشارين، فصافحوا الملك وأقسموا اليمين دون تخاضع أو انحناء، حتى قال أحدهم:"إذا شنقوا الهضيبي فليشنقوني معه".