لم تفزع عند سقوط الزجاجة على الأرض، واللصوص قلوبهم قاسية جامدة، أما زميلك فقد خاف وارتعد، عندئذ عرفت أنك السارق.
[قمة في حسن التخلص]
اقتحم الخوارج مسجد الكوفة، وهم يقتلون المسلمين ويبيحون دماءهم وأموالهم وأحاطوا بحلقة أبي حنيفة وقد جردوا سيوفهم.
واتجهوا إلى رأس الحلقة أبي حنيفة، وكان رابط الجأش كأن لم يحدث شيء، في الوقت الذي فزع الناس من حوله، فأشار أبو حنيفة إلى جلسائه بالثبات، فثبتوا، وقال رئيس الخوارج مخاطبًا أبا حنيفة: ما أنتم؟
فأجاب أبو حنيفة في سرعة: نحن مستجيرون.
فقال أمير الخوارج: دعوهم وأبلغوهم مأمنهم واقرأوا عليهم القرآن، وكان الخوارج عباد نصوص، يقرأونها ولا يفهمون روحها، فهم نظروا إلى ظاهر قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}[التوبة: ٦] وقد فطن أبو حنيفة إلى ذلك فأجابهم بما يعلم أنه يقنعهم وينجي نفسه وأصحابه من شرهم.
عجباً لأولئك الخوارج الذين روعوا الآمنين، يقتلون المسلمين ويتركون المشركين المستجيرين، فلا بأس على أبي حنيفة حين يقول لهم: نحن مستجيرون (١).
هل تستطيع التخلص من المواقف الصعبة بحكمة؟
[مروءة وذكاء]
لما حج "المنصور" عرض عليه جوهر ثمين نفيس له قيمته فعرفه وقال: هذا كان لهشام بن عبد الملك بن مروان فانتقل إلى ابنه "محمد بن هشام" وما بقى من بني أمية غيره، ولا بد لي منه، ثم التفت إلى حاجبه "الربيع" وقال: إذا صليت بالناس غدًا في المسجد الحرام واجتمع الناس كلهم فأغلق الأبواب كلها ووكل بها جماعة من الثقات وافتح بابًا