للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال الغلام: ويقول الله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

فقال له زين العابدين: أنت حر لوجه الله.

[عفو عن الجهال]

جاء أن علي زين العابدين بن الحسين كان ذاهبا إلى المسجد ومعه غلمانه، فقابله رجل، فأخذ الرجل يسب زين العابدين ويشتمه، فذهب الغلمان إلى الرجل كي يضربوه، ولكن زين العابدين نهاهم عن إيذائه، ثم نظر إلى الرجل وقال له: يا هذا، فيَّ أكثر مما تقول، وما لا تعرفه مني أكثر مما عرفته، فإن كان لك حاجة في ذكرته لك، فاستحيا الرجل من زين العابدين، ثم خلع زين العابدين قميصه وأعطاه للرجل، وأمر له بألف درهم، فذهب الرجل وهو يقول: أشهد أن هذا الشاب ولد رسول الله.

وكان علي بن الحسين إذا أتاه السائل رحب به وقال: مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة.

وكلمه رجل فافترى عليه فقال: إن كنا كما قلت فنستغفر الله، وإن لم نكن كما قلت فغفر الله لك، فقام إليه الرجل فقبل رأسه، وقال: جعلت فداك، ليس كما قلت أنا فاغفر لي، قال: غفر الله لك.

وعن سعيد بن مسروق قال: أصاب الربيع بن خثيم حجر في رأسه فشجه فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر له فإنه لم يتعمدني.

وكان عامر بن عبد قيس مستجاب الدعوة، فلم يكن يدعو على أحد بشّر، وذات مرة وشى به بعض الولاة إلى الأمراء فأخرج من بلده، ونفي إلى الشام، فسأله بعض أصحابه أن يدعو عليه، فقال لهم عامر: إني داع فأمنوا: "اللهم من وشى بي وكذب علي وأخرجني من مصري وفرق بيني وبين إخواني فكثر ماله وأصح جسمه وأطل عمره" (١).

وكان الإمام جعفر الصادق حليما لا يغضب، كان له غلام كسول يحب النوم، فأرسله يوما في حاجة، فغاب وخشي الإمام أن يكون الغلام قد أصابه مكروه، فخرج


(١) صلاة الصالحين ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>