ورد أن شقيق البلخي ودع صديقه إبراهيم بن أدهم، لسفره في تجارة، ولم يلبث إلا مدة يسيرة ثم عاد ولقيه إبراهيم، فعجب لسرعة إيابه من رحلته، فسأله: لِمَ رجع؟ فقص عليه قصة شهدها أنه رأى طائرًا أعمى كسيحًا وجاء طائر آخر يحمل إليه الطعام ويمده به، حتى يأكل ويشبع، فقال شقيق: إن الذي رزق هذا الطائر الأعمى الكسيح في هذه الخربة لقادر على أن يرزقني، وقرر العودة، فقال له إبراهيم بن أدهم: سبحان الله يا شقيق! ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى العاجز، ولا تكون أنت الطائر الذي يسعى ويكدح ويعود بثمره على العُمى من حوله، أما سمعت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اليد العليا خير من اليد السفلى"[متفق عليه].
[هل لك حرفة؟!]
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا رأى غلامًا أعجبه سأل: هل له حرفة؟ فإن قيل: لا، سقط من عينه.
[هذه الأشياء لا تنافي التوكل]
وكان العابد الزاهد إبراهيم الخواص إذا أراد السفر يأخذ معه إبرة وخيوطًا ومقصًا وإناء به ماء، فسأله أحد أصحابه: لم تحمل هذه الأشياء يا أبا إسحاق وأنت من الزهاد؟
فقال ابراهيم: هذه الأشياء لا تنافي التوكل؛ لأن لله تعالى علينا فرائض، والفقير لا يكون معه إلا ثوب واحد، فربما يتمزق ثوبه، فإن لم يكن معه إبرة وخيوط تظهر عورته