جهة أن أشكو صاحبه إليك، بصفتك المرجع الأعلى للشاكين -بعد الله- وهأنذا أتلقى الظلم منك، فلا أملك إلا أن أشكوك إلى الله" وما إن سمع السادات مقولة التلمساني حتى أصابه الذعر والرعب وناشد التلمساني أن يسحب شكواه، فقال التلمساني بقوة وأدب: إني لم أشكك إلى ظالم، وإنما شكوتك إلى رب عادل يعلم ما أقول.
[حرق أعصاب الظالم]
يقول الأستاذ التلمساني: كنت في سجن مصر، ودخل علينا شخصية كبيرة من الحكومة في الزنزانة، فقمت تلبية (الشخطة العسكري) انتباه، أما الأستاذ الهضيبي فلم يتحرك من مكانه، وكأنه لم ير أحدا ولم يسمع صيحة الشاويش، فقال له رجل الحكومة: لو كنت على حق لنصرك الله علينا.
فرد عليه وهو في جلسته الهادئة: إن المسلمين هزموا في موقعة أحد، وهم على الحق.
فلم يرد رجل الحكومة وانصرف ساكتًا، وبعد خروج هذا الشخص لامني فضيلته على قيامي وعلمني أن الظالم لا يحرق أعصابه إلا عدم اهتمام الناس بمظهره وقوته الجوفاء (١).
[هكذا كانوا]
أقبل حذيفة بن محصن على رستم في هيئة تشبه هيئة ربعي، السفير السابق، حتى وصل إلى أقرب بساط، قال له أتباع رستم: انزل من على فرسك.
قال: ذلك لو جئتكم في حاجة خاصة بي فقولوا لملككم، أله حاجة أم لا؟ فإن قال: لا، فقد كذب ورجعت وتركتكم، فإن قال: نعم لم آتكم إلا على ما أحب.
فقال رستم: دعوه، فدخل حذيفة راكبا فرسه، حتى وقف على رستم وهو على سريره، فقال له رستم: انزل.
قال: لا أفعل وأبى، فلما رآه رستم مصرا على الركوب تركه وشأنه، ثم وجه له سؤالا: ما بالك جئت ولم يجيء صاحبنا بالأمس؟
قال: إن أميرنا يحب أن يعدل بيننا في الشدة والرخاء فهذه نوبتي.