للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه لا يكتسي تحته بإزار، فإذا صفحته الريح كشفت عورته، وبانت سوءته:

العلم جهل عند أهل الجهل ... وما الجهل جهل عند أهل العلم

ومنزلة الفقيه من السفيه ... كمنزلة السفيه من الفقيه

[عباس العقاد]

بينما عباس العقاد في الفرقة الرابعة الابتدائية، إذ بالشيخ محمد عبده -الذي كانت له مكانة كبيرة في ذلك الوقت- يزور المدرسة، فيطلعه مدرس الإنشاء على موضوع كتبه عباس، فأعجب الشيخ به إعجابا شديدا وقال: ما أجدر هذا الصبي أن يكون كاتبا بعد .. فكانت هذه الجملة التي قالها الشيخ محمد عبده حافزًا قويا لعباس العقاد في ذلك الوقت المبكر، جعلته يسلك طريق الكتابة دون سواها (١).

[نماذج من علماء الأمة]

نشأ الإمام النووي في أسرة تشتغل بالعلم، فجده مالك بن أبي عامر من كبار التابعين، فشجعه ذلك على حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وأتقن تلاوته، لكنه لم يكتف بذلك بل إنه أراد حفظ أحاديث رسول الله، فذهب إلى أمه وقال لها: يا أماه إني أحب رسول الله وأريد أن أحفظ أحاديثه، فكيف لي بذلك؟

ابتسمت أمه ابتسامة صافية، وضمته إليها، ثم ألبسته ثيابا جميلة وعممته وقالت له: اذهب إلى "ربيعة الرأي" -وكان فقيها كبيرا- وتعلم من أدبه قبل علمه، فجلس الطفل الصغير، مالك بن أنس يستمع إلى شيخه وينهل من علمه، وبعد انتهاء الدرس يسرع بالجلوس تحت ظلال الأشجار ليحفظ ما سمعه من معلمه، حتى لا ينساه، وقد رأته أخته ذات مرة وهو على هذه الحال، فذهبت إلى أبيها وقصت عليه ما شاهدته، فقال لها: يا بنيتي إنه يحفظ أحاديث رسول الله، وكان مالك بن أنس -كغيره من الأطفال الصغار- يحب اللعب، فشغله ذلك عن الدرس والعلم قليلا إلى أن حدث له موقف كان له أثر كبير في حياته، فقد سأله أبوه يوما في مسألة هو وأخوه النضر، فأصاب النضر، وأخطأ مالك في الرد على السؤال، فغضب منه والده، فكانت هذه الحادثة سببا في عزمه على


(١) أعلام المسلمين ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>