أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: ١٨٦] وصف الله الأذى المسموع من أهل الكتب والمشركين بالكثرة (أذى كثيرًا) وهذا يدل على أن حربًا كلامية ستعلن على أهل الإيمان.
[لا لأخلاق الأطفال]
الصبر من عناصر الرجولة الناضجة، فإن أثقال الحياة لا يطيقها المهازيل، والمرء إذا كان لديه متاع ثقيل يريد نقله، لم يستأجر أطفالاً أو مرضى إنما ينتقي له ذوي الكواهل الصلبة، ومن ثم كان نصيب القادة من العناء والبلاء مكافئ لما أوتوا من مواهب ولما أدوا من أعمال.
وهذا قائد أمريكي يقول: لا تسأل الله أن يخفف حملك، ولكن اسأل الله أن يقوي ظهرك، وإن خفة الحمل وفراغ اليد، وقلة المبالاة، صفات قد يظفر الأطفال منها بقسط كبير، لكن مشاغل العيش وهموم الواجب ومرارة الكفاح واستدامة السعي، هي أخلاق المجاهدين البنائين.
[من أسماء الله الحسنى: الصبور]
أي هو الذي لا يستعجل في معاقبة العاصين وتأديب المذنبين، وهو الذي لا تضره المعاصي، وهو الآخذ بالنواصي، وهو الذي إذا قابلته بالجفاء قابلك بالإحسان، وإذا واجهته بالعصيان أقبل عليك بالغفران، أما صبر المولى عز وجل على العاصي وعدم أخذه بالعقوبة العاجلة فظاهر في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس أحد أو ليس شىء أصبر على أذى يسمعه من الله، إنهم ليدعون له ولداً وإنه ليعافيهم ويرزقهم" فعبد الصبور لا يستعجل دفع الملمات وما أمره الله به من الطاعات.
[غالب أعداءك]
الصبر واجب لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: ٢٠٠]، وصيغة المصابرة تفيد مفاعلة من جانبين، والمعنى هنا مغالبة الأعداء في الصبر، وذلك أننا إذا كنا نصبر على حقنا، فإن المشركين يصبرون على باطلهم، فلابد أن نغلبهم بصبرنا، وأن يكون صبرنا آكد وأقوى، ولذا حكى القرآن عن المشركين استمساكهم بالصبر على ضلالهم وشركهم وتواصيهم بذلك: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ