للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا رأيتني قد ملت عن الحق فضع يديك في تلابيبي، ثم هزني، ثم قل لي: ماذا تصنع؟

بل الأعجب من ذلك أنه لما استخلف -رحمه الله- قال لمن حوله: انظروا رجلين من أفضل ما تجدون، فجيء برجلين فكان إذا جلس مجلس الإمارة أمر فألقي إليهما وسادة قبالته، فقال لهما: إنه مجلس شر وفتنة، فلا يكن لكما عمل إلا النظر إلي، فإذا رأيتما مني شيئا لا يوافق الحق، فخوفاني وذكراني بالله عز وجل (١).

[وجوب النصيحة]

قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا استنصحك فانصح له" [رواه أحمد].

وقال أيضا - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحدكم مرآة أخيه فإن رأى به أذى فليمطه عنه" [رواه الترمذي].

ويقول مصطفى مشهور: "نحن بشر، وكلنا فيه نقص وعيوب، وواجب المسلمين أن يبصر بعضهم بعضا بما فيهم من نقص أو عيوب، فالمؤمن مرآة أخيه، ومن صفات المؤمنين أنهم يتواصون بالحق، ويتواصون بالصبر، فالواجب ألا تحول مواقع المسئولية مهما تدرجت دون تبادل هذه النصائح (٢).

ويقول عبد الله ناصح علوان: ولا يمكن أن تكون -يعني الأخوة- كذلك حتى يكون الأخ مرآة أخيه المؤمن، فإن رأى أحدهما من الآخر خيرا شجعه عليه وطلب منه المزيد، وإن رأى منه نقصا أو خللا نصحه سرا وطلب منه أن يتوب إلى الله ويرجع إلى الهدى ودين الحق، وفي ذلك تعاون كبير على التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، وسعي حثيث لتكون الشخصية المتآخية على أسس الإسلام وميزان الشريعة وإلى هذه النصيحة الخالصة لله بايع النبي أصحابه عليها ليكونوا في المجتمع دعاة حق، وهداة خير، ورجال دعوة حيثما حلوا، وأينما ارتحلوا (٣).

[الفرق بين الغيبة والنصيحة]

يقول ابن القيم: والفرق بين النصيحة والغيبة أن النصيحة يكون القصد فيها تحذير المسلم من مبتدع أو فتان أو غاش أو مفسد، فتذكر ما فيه إذا استشارك في صحبته ومعاملته والتعلق. به أحد، كما قال النبي لفاطمة بنت قيس وقد استشارته في نكاح معاوية


(١) حطم صنمك ١٥.
(٢) القائد القدوة على طريق الدعوة.
(٣) الأخوة الإسلامية ١٨، ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>