فاتخذت من أعلاه عشا، وحين أراد عمرو الرحيل، رآها، فلم يشأ أن يهيجها بتقويضه الفسطاط فتركه، وتكاثر العمران من حوله.
ورأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال: ويلك! قدها إلى الموت قودا جميلا.
الإسلام شديد المؤاخذة لمن تقسو قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآلامه، وقد بين أن الإنسان على عظم قدره يدخل النار في إساءة يرتكبها مع دابة عجماء. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض"[رواه البخاري].
كما بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن كبائر المعاصي تمحوها نزعة رحمة تغمر القلب، ولو بكلب، ففي رواية أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف (يدور) ببئر، قد أدلع (أخرج) لسانه من العطش، فنزعت لها بموقها (خفها) فغفر لها [رواه مسلم].
وعن المسيب بن دارم قال: رأيت عمر بن الخطاب يضرب جمالا، ويقول: حملت ما لا يطيق، وأعلن عمر أنه مسئول عن بغلة تعثر في العراق لم يسو لها الطريق.
واشتهى الفاروق سمكا طريا فأخذ يرفأ -مولاه- راحلة فسار ليلتين مقبلا وليلتين مدبرا، واشترى مكتلا فجاء به، وقام يرفأ إلى الراحلة يغسلها من العرق فنظر إليها عمر فقال: عذبت بهيمة من البهائم في شهوة عمر، والله لا يذوق عمر ذلك.
وتقدم عمر إلى جمل تبدو عليه مظاهر الإعياء والمرض فقال له: إني لخائف أن أسأل عنك.
الرحمة بالحيوان تكون بإطعامه، وعدم اللعب به وتعذيبه، وعدم ضربه، أو إحراقه بالنار، وإذا رأيت من يعذب حيوانا انهه عن ذلك.
[٨ - الرحمة بأهل الذمة]
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يسير في طريق من طرق المدينة النورة فرأى شيخا قد شاب شعره، وانحنى ظهره، يسير مستندا على عصاه، يسأل الناس أن يتصدقوا عليه؛ لم يكن الرجل مسلما بل كان من أهل الذمة المقيمين في بلاد المسلمين تحميهم دولة