يقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[المائدة: ٤٢].
القسط هو العدل، تقول: أقسط الرجل فهو مقسط، إذا عدل.
أما إذا قلت: قسط الرجل فهو قاسط أي ظالم وجائر، ومنه قوله تعالى:{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}[الجن: ١٥].
قال الفراء: هم الجائرون الكفار، فالمقسط عكس القاسط.
فالعدل ليس صفة كمالية أو ترفا حضاريا، وإنما هو فريضة ربانية ومطلب بشري.
لذلك جاءت الرسالات كلها تأمر الناس بالقسط، قال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: ٢٥].
ومن الحكم المشهورة: العدل ليس في نص القانون، وإنما هو في ضمير القاضي.
[من أنواع العدل]
العدل الاجتماعي: وهو العدل في توزيع الثروة، وإتاحة الفرص المتكافئة لأبناء الأمة الواحدة، وإعطاء العاملين ثمرة أعمالهم وجهودهم دون أن يسرقها القادرون أصحاب السلطة، فمن لم يطعم المسكين كان من أهل الجحيم {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} [المدثر: ٤٣ - ٤٤] ولا يكفي أن تطعم المسكين، بل يجب أن تدعو إلى إطعامه {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣)} [الماعون: ١ - ٣].
والمجتمع الجاهلي مذموم لضياع الفئات الضعيفة فيه وانشغال الأقوياء بأكل المال: {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)} [الفجر: ١٧ - ٢٠]. على الدولة أن تتخذ الوسائل لمساعدة الفقراء ولو كانوا من غير المسلمين ..