للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[توشك أن تصل]

قابل الفضيل بن عياض رجلا بلغ من الكبر عتيا، فسأله: كم عمرك؟

قال الرجل: ستون عاما.

قال الفضيل: توشك أن تصل إلى الله.

قال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.

قال الفضيل: هل عرفت معناها؟

قال الرجل: نعم، عرفت أني لله عبد، وأني إليه راجع.

قال الفضيل: إذا عرفت أنك لله عبد، وأنك إليه راجع، عرفت أنك مسئول، وإذا عرفت أنك مسئول، فأعد للسؤال جوابا.

قال الرجل: وما الحيلة يرحمك الله؟

قال الفضيل: يسيرة، أن تتقي الله فيما بقي يغفر الله لك ما قد مضى.

[دينار العيار]

روى أن رجلا يعرف بدينار العيار كانت له والدة تعظه ولا يتعظ، فمر في بعض الأيام بمقبرة كثيرة العظام، فأخذ منها عظما نخرة فانفت في يده، ففكر في نفسه، وقال لنفسه: ويحك! كأني بك غدا قد صار عظمك هكذا رفاتا والجسم ترابا، وأنا اليوم أقدم على المعاصي، فندم وعزم على التوبة، ورفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي، إليك ألقيت مقاليد أمري فاقبلني وارحمني.

ثم مضى نحو أمه متغير اللون، فقال: يا أماه ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده؟

فقالت: يخشن ملبسه ومطعمه ويغل يده وقدمه.

فقال: أريد جبة من صوف وأقراصًا من شعير، وتفعلين بي كما يفعل بالعبد الآبق، لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني، ففعلت كما طلب، فكان إذا جنه الليل أخذ في البكاء والعويل، ويقول: ويحك يا دينار ألك قوة على النار؟ كيف تعرضت لغضب الجبار؟!

وقالت له أمه في بعض الليالي: ارفق بنفسك.

فقال: دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا .. يا أمي إن لي موقفا طويلا بين يدي

<<  <  ج: ص:  >  >>