قال: فما سمع له صوت بعدها، فقالت أمه: يا بني لا تدع علي شيء بعدها (١).
وقال الحسن بن علوية: سمعت يحيى بن معاذ يقول: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخواء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
وقالت ابنة الرييع بن خثيم: يا أبتاه مالي أرى الناس ينامون ولا تنام؟
قال: إن جهنم لا تدعني أنام.
[ينتفض فزعا]
يقول أبو يزيد محمد بن حسان: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما عاشرت في الناس رجلا أرحم من سفيان، وكنت أرمقه الليلة بعد الليلة، فما كان ينام إلا أول الليل، ثم ينتفض فزعا مرعوبا ينادي: النار النار شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثم يتوضأ ويقول على إثر وضوئه: اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار، إلهي إنه لجزع ما أرقني، وذلك من نعمك السابغة علي، إلهي لو كان لي عذر في التخلي ما أقمت مع الناس طرفة عين. ثم يقبل على صلاته، وكان البكاء يمنعه من القراءة حتى إن كنت لا أستطيع سماع قراءته من كثرة بكائه، وما كنت أقدر أن أنظر إليه استحياء وهيبة منه.
وقال يزيد بن هارون: بت عن المستسلم بن سعيد، وكان لا يكاد ينام، إنما هو قائم وقاعد، وذكر أنه لم يضع جنبه منذ أربعين عاما، فظننت أنه يعني بالليل، فقيل: ولا بالنهار.
وقال عمرو بن عون: مكث هشيم بن بشر يصلي الفجر بوضوء العشاء الآخرة، قبل أن يموت عشر سنين.
- ويقول ابن الجوزي: يا من كان له قلب فمات، يا من كان له وقت ففات، استغث من بوادي القلق، "ردوا علي ليالي التي سلفت"، احضر في السحر فإنه وقت الإذن العام، واستصحب رفيق البكاء فإنه مساعد صبور، وابعث رسائل الصعداء فقد أقيم لها من يتناول.
واعلم بأن سبب حرمانك من قيام الليل الذنوب والمعاصي، قال مبارك بن فضالة: سمعت الحسن البصري قال له شاب: أعياني قيام الليل، فقال: قيدتك خطاياك.