ثم قال: أيها الناس، لقد رأيتني أرعى على خالات لي من بني مخزوم، فيقبضن لي قبضة من التمر أو الزبيب، فأظل يومي وأي يوم!! ثم نزل.
فقال له عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين، ما زدت على أن قمأت -عبت- نفسك.
فقال: ويحك يا ابن عوف! إني خلوت فحدثتني نفسي، قالت: أنت أمير المؤمنين، فمن ذا أفضل منك؟ فأردت أن أعرفها نفسها. وفي رواية: إني وجدت في نفسي شيئا فأردت أن أطأطيء منها.
ونهى الإسلام عن الكبر، قال تعالى:{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[لقمان: ١٨].
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: التقى عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهم- على المروة فتحدثا، ثم مضى عبد الله بن عمرو، وبقي عبد الله بن عمر يبكي، فقال له رجل: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: هذا -يعني عبد الله بن عمرو- زعم أنه سمع رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كبه الله لوجهه في النار"[رواه أحمد].
[تقدير الموتى]
عن عروة بن الزبير قال: رأيت عمر بن الخطاب على عاتقه قربة ماء فقلت: يا أمير المؤمنين، لا ينبغي لك هذا.
فقال: لما أتاني الوفود سامعين مطيعين، دخلت نفسي نخوة، فأردت أن أكسرها.
وعن أنس بن مالك قال: خرجت مع عمر يوما، حتى دخلت حائطا فسمعته يقول -وبيني وبينه جدار وهو في جوف حائط-: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، بخ! والله يا ابن الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك.
وعن جبير بن نقير أن نفرا قالوا لعمر بن الخطاب: ما رأينا رجلا أقضى بالقسط، ولا أقوَل للحق، ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين، فأنت خير الناس بعد رسول الله.