قال القاضي عياض: لما أتيت الكوفة، وأكثر أملي السماع من سليمان بن مهران الأعمش فسألت عنه، فقيل لي: غضب على أصحاب الحديث، فحلف ألا يسمعهم مدة، فكنت أختلف إلى باب داره، لعلي أصل إليه، فلم أقدر على ذلك، فجلست يوما على بابه، وأنا متفكر في غربتي وما حرمته من السماع منه، إذ فتحت جارية بابه يوما وخرجت منه، فقالت لي: ما بالك على بابنا؟
فقلت: أنا رجل غريب، وأعلمتها بخبري.
قالت: وأين بلدكم؟
قلت: إفريقية، فانشرحت إلي، وقالت: تعرف القيروان؟
قلت: أنا من أهلها.
قالت: تعرف دار ابن فروخ؟
قلت: أنا هو؟! فتأملتني، ثم قالت: عبد الله؟
قلت: نعم، وإذا هي جارية كانت لنا، بعناها صغيرة، فسارعت إلى الأعمش، وقالت له: إن مولاي الذي كنت أخبرك بخبره (بالباب) فأمرها بإدخالي، فدخلت وأسكنني قبالة بيته، فسمعت منه وحدثني، وقد حرم سائر الناس إلى أن قضيت أربي منه.
[زد من الضرب]
ها هو شيخ البخاري وأبي داود (هشام بن عمار) قال الحافظ جزرة: سمعت هشام ابن عمار يقول: دخلت على مالك بن أنس، فقلت له: حدثني، فقال: اقرأ، فقلت: لا، بل حدثني، فقال: اقرأ، فلما راددته، قال: يا غلام، تعال اذهب بهذا فاضربه خمس عشرة، قال: فذهب بي، فضربني خمس عشرة درة، ثم جاء بي إليه، فقال: قد ضربته، فقلت: قد ظلمتني، ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم، لا أجعلك في حل.