للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق سلكتموها، أنا كنت في جزائر البحر أعبد صنمًا من دونه ولم يضيعني، أَوَ يضيعني وأنا أعرفه؟ فلما كان بعد أيام قيل لي: إنه في الموت، فأتيته، فقلت له: هل من حاجة، فقال: قضى حوائجي من جاء بكم إلى جزيرتي.

قال عبد الوأحد: فحملتني عيني، فنصت عنده، فرأيت مقابر"عبادان" روضة وفيها قبة، وفي القبة سرير عليه جارية لم ير أحسن منها، فقالت: سألتك بالله إلا ما عجلت به، فقد اشتد شوقي إليه، فانتبهت، وإذا به قد فارق الدنيا، فقمت إليه فغسلته وكفنته وواريته، فلما جن الليل نمت، فرأيته في القبة مع الجارية، وهو يقرأ: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)} [الرعد: ٢٣ - ٢٤]. (١)

[المداومة على الإنفاق]

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تُصدق الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق! لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلة على زانية! فقال: اللهم لك الحمد، على زانية! لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلة على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتى فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله" [متفق عليه].

هل تحرص على صدقة أسبوعية أو شهرية لوجه الله ولمساعدة المحتاجين؟

[نتيجة الاستقامة]

وفاة أثناء الذكر: كان الإمام ابن قدامة لا يكاد يسمع دعاء إلا حفظه ودعا به، ولا يسمع ذكر صلاة إلا صلاها، ولا يسمع حديثًا إلا عمل به، وكان لا يترك قيام الليل من وقت شيبوبته، وقلل الأكل في مرضه قبل موته حتى عاد كالعود، ومات وهو قاعد على أصابعه يسبح.


(١) التوابين (٢٠٢، ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>