وهذا ابن تيمية، كان لا يفوت ساعة من وقته دون تعليم أو تأليف أو عبادة، حتى بلغت مؤلفاته المئات، بل لم يمكن حصرها.
وقال ابن شاكر: إن تصانيفه تبلغ ثلاثمائة مجلد، وقال الذهبي: وما يبعد أن تصانيفه إلى الآن تبلغ خمسمائة مجلد.
قال ابن القيم: وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه، وإقدامه، وكتابته، أمرا عجبا فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة أو أكثر، قال ابن العطار تلميذ النووي: ذكر لي شيخي -رحمه الله تعالى- أنه كان لا يضيع له وقتا، لا في ليل ولا في نهار، إلا في الاشتغال بالعلم حتى في الطريق يكرر أو يطالع، وأنه دام على هذا ست سنين، ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق، وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة بعد عشاء الآخرة، ويشرب شربة واحدة عند السحر، ويمتنع عن أكل الفواكه والخيار، ويقول: أخاف أن يرطب جسمي ويجلب لي النوم.
أما الإمام الفقيه مكتشف الدورة الدموية ابن النفيس فقال عنه الإمام برهان الدين إبراهيم الرشيدي: كان العلاء بن النفيس إذا أراد التصنيف توضع له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاء من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا كلَّ القلم وحفي رمى به وتناول غيره، لئلا يضيع عليه الزمان في بري الأقلام.
أخي الحبيب: هكذا كانت الهمم العالية في استغلال أوقاتهم فأين همتك؟! (١)
[تربية الأبناء]
قال عبد الملك بن مروان -رحمه الله-: كنا مع أبينا في موكبه فقال: سبحوا حتى تأتوا تلك الشجرة، فنسبح حتى نأتيها، فإذا رفعت لنا شجرة أخرى، قال: كبروا حتى تأتوا تلك الشجرة، فكان يصنع ذلك بنا.
وروى في مقدمة ابن خلدون أن هارون الرشيد -رحمه الله- لما دفع ولده الأمين إلى المؤدب قال له: "أقرئه القرآن، وعرفه الأخبار، وروه الأشعار، وعلمه السنن، وبصره