فقلت: بس كده؟!! الحمد لله رب العالمين والله يا بك إذا كنا برآء فاسمع قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[الحج: ٣٨] وإذا كنا نخدع الناس بهذا الجهاد في سبيله وهذه الدعوة إلى دينه فإن محكمة الجنايات وجهنم قليل على الذين يخدعون الناس عن الدنيا بلباس الدين، فلا تهتم ودعها لله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، أقسم لك أنه لن يكون إلا الخير، عن إذنك فقد مضى بعض وقت الحصة وهذه مخالفة لا أحبها، وتركت الرجل في مكانه مستغربًا هذه الردود، وانصرفت إلى الدرس وكلي ثقة وطمأنينة بأن هذا عبث أطفال ولن ينتهي إلا إلى النتيجة المحتومة لمثله: إهمال ونسيان (١).
[دعوتنا لكل الناس]
زار الإمام الشهيد البنا محافظة سوهاج، وبعد انتهاء المؤتمر دعي إلى مائدة، وجلس بجوار أحد الإخوة، وكان هذا الأخ يتمنى أن تتاح له هذه الفرصة ليهمس في أذن الإمام الشهيد بأمر مهم، فقال له: يا أستاذ، إن الدعوات لا تقاس بالكم وإنما بالكيف، فماذا لو وضعنا ضوابط للذين يريدون الانتساب، كأن نحدد لهم قدرًا من الثقافة الإسلامية يدرسونه، ويظلون زمنًا في إطار الانتساب وتحت الاختبار، ثم ينقل الصالح منهم إلى العضوية العاملة؟
فابتسم الإمام الشهيد، وقال: يا فلان، هل تريدون مني ما لم يرده الله من أنبيائه ورسله وهم صفوة خلقه؟! إننا دعوة لكل الناس وليست لفئة محدودة، يتربى فيها كل من يريد أن يخدم الإسلام مهما كانت مكانته وثقافته .. وكل ميسر لما خلق له، ومن يدري فلعل هذه الدعوة تواجه محنًا عاتية، تعدون فيها الرجال على الأصابع .. وجاءت المحن العاصفة، وثبت كثير من الذين كنا نحسبهم بسطاء في مكانتهم وثقافتهم. ولكنهم تخلقوا بمقومات الرجولة فصدقوا ما عاهدوا الله عليه، وسقط آخرون من أصحاب الثقافة الواسعة، والشخصيات اللامعة، ولله في خلقه شئون.
[ابحثوا عن لافتة أخرى]
عندما ثارت فتنة التكفير إثر محنة ١٩٦٥ م انزلق العديد من السجناء في هذا المنعطف تحت وطأة التعذيب الوحشي والاضطهاد للدعوة الإسلامية وغيرها من الأسباب.