ومن محافظة الإسلام على الوقت حثه على التبكير ورغبته في أن يبدأ المسلم أعمال يومه نشيطا طيب النفس مكتمل العزم، فإن الحرص على الانتفاع من أول اليوم يستتبع الرغبة القوية في ألا يضيع سائره سدى.
ونظام الحياة الإسلامية يجعل ابتداء اليوم من الفجر، ويفترض اليقظة الكاملة قبل طلوع الشمس، ويمنع السهر الذي يؤخر صلاة الصبح عن وقتها المسنون، وفي حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم بارك لأمتي في بكورها"[رواه أبو داود].
وعن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجعة متصبحة، فحركني برجله، ثم قال:"يا بنيد قومي فاشهدي رزق ربك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس"[رواه البيهقي].
[نظرة خاطئة]
والناس ينظرون إلى الأحداث ويذهلون عن مرسلها، ويذوقون السراء والضراء، ويجهلون من يذيقهم طعومها، فإذا ضاقوا ذرعا بأمرها لعنوا الأيام، وذلك ضرب من الجهل بالله والغفلة عن أقداره، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"[رواه أبو داود].
والسفهاء من الناس تمر بهم الأحوال الحسنة والسيئة، فلا يستفيدون من اختلافها شيئًا وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المنافق إذا مرض ثم أعفى كان كالبعير، عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه ولم يدر لم أرسلوه"[رواه أبو داود].
وطبيعة البشر أن يعرفوا ربهم ساعة الشدة وأن يلجأوا إليه عندما تستحكم الأزمات قال تعالى:{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[يونس: ١٢].
[الوقت في القرآن]
يقول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}[الفرقان: ٦٢] أي جعل الليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، فمن فاته عمل في