المسجد، وكان النبي يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢] قال أبو طلحة: يا رسول الله، إن الله يقول:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢] وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله تعالى، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال النبي:"بخ بخ! ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين"، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. [أحمد].
وفي الصحيحين أن عمر - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به؟ قال:"حبس الأصل وسبل الثمرة". [ابن كثير].
ومعنى هذا أن يجعله وقفا في سبيل الله، يحبس أصله، فلا يباع ولا يوهب، وتسبل ثمرته، أي تجعل في سبيل الله، أي في الخير وإعانة الضعفاء والفقراء.
يقول سيد قطب: إن هذا القرآن هو معلم هذه الأمة ومرشدها ورائدها وحادي طريقها على طول الطريق، وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها، وعن جبلتهم وعن تاريخهم مع هدى الله كله، ولو ظلت هذه الأمة تستشير قرآنها، وتسمع توجيهاته، وتقيم قواعده وتشريعاته في حياتها، ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام .. ولكنها حين نقضت ميثاقها مع ربها، وحين اتخذت القرآن مهجورا، وإن كانت ما تزال تتخذ منه ترانيم مطربة، وتعاويذ ورقى وأدعية، أصابها ما أصابها (١).
هل تستخرج آية يوميا من القرآن وتعمل بها؟
[مع سورة الزلزلة]
أخرج إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وابن مردويه عن أسماء قالت: بينما أبو بكر يتغدى مع رسول الله، إذ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧ - ٨] فأمسك أبو بكر، وقال: يا رسول الله، أكل ما عملناه من سوء رأيناه؟ فقال:"ما ترون مما تكرهون فذاك مما تجزون به، ويدخر الخير لأهله في الآخرة".