هل تحرص على الوقوف مع إخوانك وقت الشدة والفرح؟ اجعل منصبك لنفع الناس جميعًا.
[فكرة للأستاذ مصطفى أمين حول الأستاذ الهضيبي]
عرفت الأستاذ حسن الهضيبي أول ما عرفته في عام ١٩٣٩ وكنت رئيسًا لتحرير مجلة آخر ساعة، وأرسلت المفوضية الألمانية بالقاهرة خطابًا إلى وزير الخارجية تحتج عليَّ لأنني كتبت مقالا قلت فيه: إن هتلر ديكتاتور، وإن هذه إهانة للفوهرر، وقانون العقوبات المصري يمنع مهاجمة رؤساء الدول الأجنبية، وطلب الوزير الألماني تقديمي إلى محكمة الجنايات، واتصل وزير الخارجية بوزير العدل، واتصل وزير العدل بالنائب العام، وقرر النائب العام تكليف رئيس النيابة الأستاذ الهضيبي بمقابلتي، واستقبلني رئيس النيابة مقابلة ودية لم أتعود أن ألقاها من رؤساء النيابة الذين يحققون معي في قضايا الصحف.
وبدأ حديثه وسألني عن أي نوع من القهوة أود أن أشرب، وطلبت "قهوة مضبوط" فطلب لي رئيس النيابة القهوة، ثم طلب واحد ليمون وبعد ذلك قال لي: أنت متهم بأنك أهنت الهر أدولف هتلر رئيس دولة ألمانيا، قالها بهدوء، وبنفس النبرة التي طلب بها واحد قهوة وواحد ليمون، وكأنه يقول: أهلا وسهلا وحشتنا وآنستنا، قلت له: أنا لم أهن هتلر، أنا قلت عنه الحقيقة. قال الهضيبي: أنت قلت إنه ديكتاتور وطاغية وأنه قضى على حقوق الإنسان في ألمانيا؟ وسألت رئيس النيابة: وهل هو ديكتاتور أم لا؟ قال ضاحكًا: المفروض أنني أنا الذي أسألك لا أنت تسألني! قلت: المفروض أن يقول وزير ألمانيا المفوض أنني نسبت إلى هتلر أنه قضى على حرية الصحافة بينما أن الصحافة حرة في ألمانيا، وأنه ملأ بلاده بالمعتقلات، وأنشأ المحاكم الاستثنائية بينما الحقيقة أنه لا معتقلات هناك ولا محاكم استثنائية.
قال الأستاذ الهضيبي: اطمئن إنني لن أقدمك لمحكمة الجنايات لأنني أعتقد معك أنه ديكتاتور، وذمتي لا تقبل أن أقدم بريئًا إلى المحاكمة، وكل المطلوب منك أن تقول في التحقيق أنك لا تقصد إهانة هتلر.
وأمر الأستاذ حسن الهضيبي بفتح المحضر، وسألني هذا السؤال وأملى على كاتب