السجن معه فخرج الاثنان في موكب من الناس حتى وصلا إلى دار خزيمة، فشكر له عكرمة واستأذنه في الانصراف إلى بيته فقال له خزيمة: لن تذهب إلى دارك يا عكرمة حتى تزول عنك آثار الحبس والقيد. واستضاف خزيمة عكرمة في داره وأعطاه أفضل ثيابه ثم اختار له أجود فرس عنده وودعه أحسن وداع (١).
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان أبو طلحة - رضي الله عنه - أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢] قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢] وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين"، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه" [رواه البخاري].
٥ - الكرم مع الفقراء والمساكين
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله" وأحسبه وال: "كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر" [رواه مسلم].
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا رجل بفلاة من الأرض سمع صوتا في سحابة: اسق حديقة فلان، فتنحي ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشِّراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمساحته فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان -للاسم الذي سمع في السحابة- فقال له: يا عبد