وما من مخلوق إلا وهو داخل في هذا السجود دون اختيار، يقول تعالى:{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}[الرحمن: ٦].
قال الشوكاني: المراد بسجودهما انقيادهما لله تعالى انقياد الساجدين من المكلفين.
[احتجاج الهدهد]
ولقد أظهر الهدهد الاحتجاج وهو محلق على هذه المسافة لا يمكنه سماع ما يقولون للشمس التي يعبدونها، ولكن رؤيته لهم وهم يسجدون لغير الله كانت كافية لأن يحكم عليهم بالكفر: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥)} [النمل: ٢٥].
[الشمس تسجد]
في الصحيحين عن أبي ذر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - له حين غربت الشمس:"أتدري أين تذهب؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[يس: ٣٨].
وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فلذلك أمرت الملائكة مريم بالسجود بقوله تعالى:{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}[آل عمران: ٤٣]. وقدموا السجود على الركوع، لأن السجود أفضل أركان الصلاة.