لحمْلك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني. [رواه البخاري].
[حياء سيدنا موسى والفتاتين]
وجد سيدنا -موسى عليه السلام- امرأتين من مدين تمنعان غنمهما عن ورود الماء، ولا يلتفت لهما أحد، والأولى عند ذوي المروءة والفطرة السليمة أن تسقي المرأتان بأغنامهما أولا وأن يفسح لهما الرجال، فتقدم للمرأتين ليسألهما عن أمرهما الغريب فأطلعتاه على السبب، إنه الحياء من مزاحمة الرجال، فالمرأة الحيية، العفيفة الروح، النظيفة القلب، لا تستريح لمزاحمة الرجال، فثارت نخوة موسى فتقدم وسقى لهما ثم تركهما، وجاءه الفرج عندما جاءته إحدى الفتاتين على استحياء في غير ما تبذل ولا تبرج وفي هذا قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)} [القصص: ٢٣ - ٢٧].
وتأمل قوله تعالى:{تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وكأن الحياء قد تمكن منها، وتمكنت منه، وهو تعبير قرآني يصور حالة المرأة وما هي عليه من أدب جم، وخلق فاضل، وسمت كريم، وأعظم ما في خلق المرأة حياؤها، وهكذا تكون المرأة المسلمة.
ولبى موسى الدعوة، وقال لها: امشي خلفي فإن أخطأت الطريق فأشيري إليه بحجر تلقينه فيه، لأصحح المسار وأسلكه، حتى انتهى إلى بيت أبيها، وهكذا يكون الشاب المسلم حييًا لا يسير خلف امرأة ينظر إلى عورتها، ولذلك من المظاهر التي تتنافى مع الحياء في عصرنا اليوم معاكسة الشباب للبنات في الشوارع وأمام المدارس، بل أصبحت البنت في بعض الأحيان تتلفظ مع الشباب بطريقة سيئة تحدث الفوضى ويضيع بينهما الحياء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.