برماحهم فألقوه من وراء الجدار، فأدركوه قد قتل عشرة منهم.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: رأيت عمار بن ياسر - رضي الله عنه - يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون؟ أنا عمار بن ياسر! أمن الجنة تفرون؟ أنا عمار بن ياسر! هلم إلي! وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت فهي تتذبذب وهو يقاتل أشد القتال.
وفي غزوة الطائف أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - حنظلة بن الربيع - رضي الله عنه - إلى أهل الطائف يعرض عليهم الإسلام، فلما ذهب حنظلة إليهم ظل يدعوهم من خارج حصنهم فلم يستجيبوا له، واعتدوا عليه، واختطفوه، وحاولوا أن يدخلوه الحصن، فلما علم الرسول بالأمر طلب من الصحابة أن يذهب أحدهم ليخلص حنظلة من أيدي الأعداء، قال: من لهولاء، وله مثل غزاتنا هذه؟ فلم يقم إلا العباس بن عبد المطلب فذهب إليهم، ولحق بحنظلة وهو في أيديهم، وقد كادوا يدخلون به الحصن، فاحتضنه واختطفه من أيديهم، ولم يخش ما يقذف به من الحجارة، ورجع العباس ومعه حنظلة فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يزال يدعو لهما بالنجاة.
[في وقعة الجسر]
أرسل رستم جيشا كثيفا وأمر عليه ذا الحاجب بهمن جاذويه، وأعطاه راية كسرى لملاقاة المسلمين في موقعة الجسر، ووصلوا إلى المسلمين وبينهم النهر وعليه الجسر، فأرسلوا: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم، فقال المسلمون لأميرهم أبي عبيد: مرهم فليعبروا هم إلينا، فقال: ما هم بأجرأ على الموت منا، ثم اقتحم إليهم فاجتمعوا في مكان ضيق هنالك فاقتتلوا قتالا شديدا لم يعهد مثله، والمسلمون في نحو عشرة آلاف، وقد جاء الفرس معهم بأفيلة كثيرة عليها الجلاجل لتذعر خيول المسلمين، فجعلوا كلما حملوا على المسلمين فرت خيولهم من الفيلة، ولا يثبت منها إلا القليل على قسر، وإذا حمل المسلمون عليهم لا تقدم خيولهم على الفيلة، ورشقهم الفرس بالنبل فنالوا منهم خلقا كثيرا، وقتل المسلمون منهم مع ذلك ستة آلاف، وقد جفلت خيول المسلمين من أصوات الأجراس المعلقة بالفيلة، وصار المسلمون لا يستطيعون الوصول إليهم والفيلة تجوس فلالهم، فترجل أبو عبيد وترجل الناس معه، وتصافحوا معهم بالسيوف، وفقد المسلمون خيلهم فأصبحوا رجالة يقاومون سلاح الفيلة والفرسان والمشاة من الفرس إلى جانب الرماة