الأسباب ليست هي التي تنشئ النتائج، فالفاعل المؤثر هو الله وهو الذي يرتب النتائج على الأسباب بقدره ومشيئته، ومن ثم يطلب من العبد أن يؤدي واجبه ويبذل جهده، ثم يتوكل على الله في إحداث النتائج .. فإنه متى تعلق العبد بالأسباب فقد أُثبت جهله ونقص إيمانه ونقص عقله .. حيث إن الناظر إلى مجاري سنة الله عز وجل يرى أن المشيئة ليست على قدر الأسباب .. فكم من عاقل محروم وكم من أحمق مرزوق .. ولو رزق الله كل عاقل وحرم كل أحمق لظن الناس أن العقل يرزق صاحبه، فلما رأوا خلاف ذلك علموا أن الصانع أراد أن يدلهم على نفسه، فهل علمت من هو المتوكل؟.
واعجبًا
يقول ابن الجوزي: واعجبًا يتأمل الحيوان البهيم العواقب، وأنت لا ترى إلا الحاضر، ما تكاد تهتم بمؤنة الشتاء حتى يقوى البرد، ولا بمؤنة الصيف حتى يشتد الحر، ومَنْ هذه صفته في أمور الدنيا فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، هذا الطائر إذا علم أن الأنثى قد حملت، أخذ ينقل العيدان لبناء العش قبل الوضع، أفتراك ما علمت قرب رحيلك إلى القبر؟ فهلا بعثت لك فراش تقوى {فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}[الروم: ٤٤].
هذا اليربوع لا يتخذ بيتًا إلا في موضع طيب مرتفع، ليسلم من سيل أو حافر ثم لا يجعله إلا عند أكمة أو صخرة، لئلا يضل إذا عاد إليه، ثم يجعل له أبوابًا ويرقق بعضها.
[فهم خاطيء]
جاء رجل إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وسأله عن رجل جلس في بيته وقال: لا أعمل حتى يأتيني رزقي، فقال الإمام أحمد: هذا رجل جهل العلم فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جعل رزقي تحت ظل رمحي"[رواه البخاري].
ولقي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ناسًا من أهل اليمن فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتواكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبة في الأرض ويتوكل على الله.
هكذا أُمِرَ الأنبياء
قال تعالى لنوح عليه السلام:{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}[هود: ٣٧] وقال يعقوب لابنه: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}[يوسف: ٥] وقال لأبنائه: