ثاني أكسيد الكربون الموجود في العالم، لو أن الأمر قد اقتصر عليها، ولكن العليم الخبير قدر ذلك، فجعل الكائنات الحية الأخرى تخرج في تنفسها ثاني أكسيد الكربون.
ولم يترك أمر استهلاك ثاني أكسيد الكربون وإنتاجه دون تحديد، فقد قضت حكمة الخالق أن تكون نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو دائمًا من ثلاثة إلى أربعة أجزاء في كل عشرة آلاف جزء هواء، وهذه النسبة ينبغي أن تكون ثابتة على الدوام لعمار العالم، فلم يحدث أي تغير لها قط مهما اختلفت عمليات الاستهلاك والأنتاج.
[عبادة الكون]
قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: ٤٤].
وقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: ١٨].
الكون يغار على توحيد الله: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١)} [مريم: ٨٨ - ٩١].
الجبال مهيأة للتأثر بالقرآن: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: ٢١].
الحجارة تتأثر من خشية الله: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤].
بل صاحبت بعض الجبال والطير نبيًا من أنبياء الله في عبادته: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: ١٠].
يحس المسلم أن في الكون من الحيوانات والجمادات ما يتودد إليه، قال رسول الله: "إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطانًا" [رواه البخاري ومسلم].
وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء" [رواه الترمذي].