للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضاعفة الأجر، فها هو ولدي الثاني، أقسمت عليك لتصحبنه إلى ميادين الجهاد، فانهمرت الدموع، وعلا النشيج، وتصاعدت الزفرات (١).

[الرحمة في الجهاد الإسلامي]

لما كانت الغاية في الجهاد الإسلامي أنبل الغايات، كانت وسيلته كذلك أفضل الوسائل، فقد حرم الله العدوان، قال تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠] وأمر بالعدل حتى مع الأعداء والخصوم، قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨]. وأرشد المسلمين إلى منتهى الرحمة.

فهم حينما يقاتلون لا يعتدون ولا يفجرون، ولا يمثلون ولا يسرقون، ولا ينتهبون الأموال، ولا ينتهكون الحرمات ولا يتقدمون بالأذى، فهم في حربهم غير محاربين كما أنهم في سلمهم أفضل مسالمين.

عن بريدة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرَّ الأمير على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى، ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال:"اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا" [رواه مسلم].

كما ورد النهي عن قتل النساء والصبيان والشيوخ والإجهاز على الجرحى، وإهانة الرهبان ومن لا يقاتل من الآمنين، فأين هذه الرحمة من غارات المتمدينين الخانقة وفظائعهم الشنيعة؟ وأين قانونهم الدولي من هذا العدل الرباني الشامل؟ اللهم فقَّه المسلمين في دينهم، وأنقذ العالم من هذه الظلمات بأنوار الإسلام.

[من جهاد الأبطال]

لقد اعتقل يوسف طلعت وإخوانه عام ١٩٤٩م وهم في ميدان الجهاد في فلسطين، وأقيم له معسكر اعتقال بإشراف الجيش المصري، ثم نقلوا إلى معتقل الطور، وحين خرج من المعتقل لم يهدأ، بل ظل يهاجم الإنجليز في المعسكرات بقناة السويس مع أخيه محمد فرغلي والإخوان المجاهدين، حتى إن الانجليز وضعوا جائزة قيمة لمن يعثر عليه أو على أخيه الشيخ فرغلي حيًّا أو ميتًا، فما كان منه إلا أن خرج أمامهم متنكرًا في هيئة شيخ كبير السن يحمل طفلاً رضيعًا، فلم يتعرضوا له لما يتمتع به من هدوء الأعصاب، والقدرة


(١) مائة موقف من حياة المرشدين:٥٦ - ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>