عظيما، لست أرجو استخراجه من أيديهم، إلا أن أمسهم بشيء من العذاب، فإن رأى أمير المؤمنين -أصلحه الله- أن يأذن لي في ذلك أفعل.
فأجابه عمر أما بعد، فالعجب كل العجب من استئذانك إياي في عذاب بشر، وكأن رضائي عنك ينجيك من سخط الله عز وجل، فانظر ما قامت عليه بينة عدول، فخذه بما قامت عليه البينة، ومن أقر لك بشيء فخذه بما أقر به، ومن أنكر فاستحلفه بالله العظيم وخل سبيله، وايم الله، لأن يلقوا الله عز وجل بخياناتهم أحب إلي من أن ألقى الله بدمائهم، والسلام (١).
احرص على أن تكون رفيقا بالعصاة واعلم أن الخواتيم بيد الله، ونسأل الله حسن الخاتمة.
[الرفق بالحيوان]
عن أبي عثمان الثقفي قال: كان لعمر بن عبد العزيز غلام يعمل على بغل له يأتيه بدرهم كل يوم، فجاءه يوما بدرهم ونصف، فقال: ما بدا لك؟
فقال: نفقت السوق، قال: لا ولكنك أتعبته، أرحه ثلاثة أيام.
[الحصان ليس من الإخوان]
من طرائف الذكريات قصة رحلة الإمام البنا إلى مدينة بنها في مناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، وتحدث الأستاذ في هذه الذكرى حديثا شرح الصدور وشفى النفوس، وأمتع الحاضرين من العامة والخاصة والشباب والشيوخ بما في الإسراء والمعراج من معجزات ومشاهد ومواقف وتوجيهات، وبعد انتهاء هذه المحاضرة الغراء انصرف المستمعون إلا قليلا منهم ممن أدركوا أن وراء هذه الكلمات دعوة وداعية وليست مجرد كلمات ومواعظ، فاستأجر بعض الإخوان للأستاذ عربة حنطور ليركب فيها إلى محطة بنها ليعود إلى القاهرة في آخر قطار، وذلك بعد أن جلس هؤلاء القلائل من المستمعين للمحاضرة حول الإمام يسألونه في كل ما يهمهم من أمر هذه الدعوة التي يحملها إليهم ويبحث عن رجال ينهضون بها، ويفدونها بأرواحهم
(١) مواقف من حياة الأنبياء والصحابة والتابعين ٣٠١ بتصرف.