للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مولاها، ويحشر أهل الملة البيضاء حكماؤها والشهداء والعلماء، والعصاة، ويأتي هذا السائل المسكين صائحا شاكيا، فماذا أقول إذا قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله أودعك شابا مسلما، فلم تؤدبه بأدبي، بل لم تستطع أن تجعله إنسانا، فانظر يا ولدي عتاب النبي الكريم ومقامي في خجلي بين الخوف والرجاء، أتفضح أباك أمام مولاه؟ يا ولدي كن برعما في غصن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وكن وردة من نسيج ربيعه، وخذ من خلقه الطيب بنصيب (١).

الرفق بالوالدين:

ذكر العلماء أن رجلا كان عنده والد كبير، فتأفف من خدمته ومن القيام بأمره، فأخذه وخرج إلى الصحراء ليذبحه، فلما وصل إلى صخرة أنزله هناك قال: يا بني ماذا تريد أن تفعل بي؟ قال: أريد أن أذبحك، قال: يا بني هذا جزاء الإحسان؟ قال الابن: لابد من ذبحك فقد أسأمتني وأمللتني، فقال الأب: يا بني إن أبيت إلا ذبحي فاذبحني عند الصخرة التالية ولا تذبحني هنا؛ فتعجب الابن وسأل: وما الفرق بين هنا أو هناك؟ قال: يا بني إن كان الجزاء من جنس العمل فاذبحني عند الصخرة التالية فلقد ذبحت أبي هناك ولك يا بني مثلها (٢).

الرفق بالعصاة:

قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، وكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: أقصر، فوجده يوما على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالما، أو كنت على ما في يدي قادرا؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار" [رواه أبو داود].

وكتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: من عدي بن أرطأة .. أما بعد، أصلح الله أمير المؤمنين، فإن قبلي أناسا من العمال قد اقتطعوا من مال الله عز وجل مالاً


(١) أعلام المسلمين ٢٥٣.
(٢) قصص وعبر- محمود المصري (٢/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>