للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبحث عنه فوجده نائما في الطريق، فجلس عند رأسه، وأخذ يوقظه برفق، حتى استيقظ،

فقال له ضاحكا: تنام الليل والنهار؟ لك الليل ولنا النهار (١).

[اللهم إني صفحت عنه فاصفح عنه]

أبصر عامر بن عبد الله رجلا من أعوان شرطة البصرة، وقد أمسك بخناق رجل من أهل الذمة وجعل يجره جرا والذمي يستغيث بالناس، ويقول: أجيروني أجاركم الله، أجيروا ذمة نبيكم يا معشر المسلمين، فأقبل عامر بن عبد الله عليه وقال: هل أديت جزيتك؟

فقال: نعم أديتها، فالتفت إلى الرجل الممسك بخناقه، وقال: ما تريد منه؟

قال: أريد أن يذهب معي ليكسح (ينظف) حديقة صاحب الشرط.

فقال للذمي: أتطيب نفسك بهذا العمل؟

فقال: كلا، فذلك يهد قواي، ويشغلني عن كسب قوت عيالي، فالتفت عامر إلى الرجل وقال؟ دعه، فقال: لا أدعه، فما كان من عامر إلا أن ألقى رداءه على الذمي وقال: والله، لا تُخفر ذمة محمد وأنا حي. ثم تجمع الناس، وأعانوا عامرا على الرجل، وخلصوا الذمي بالقوة، فما كان من أعوان صاحب الشرط إلا أن اتهموا عامرا بنبذ الطاعة ورموه بالخروج على السنة والجماعة وقالوا: إنه امرؤ لا يتزوج النساء ولا يأكل لحم الحيوانات وألبانها، ويتعالى على غشيان مجالس الولاة، ورفعوا أمره إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

أمر الخليفة واليه على البصرة بأن يدعو عامر بن عبد الله إلى مجلسه، وأن يسأله عما نسب إليه، وأن يرفع له خبره، فاستدعى والي البصرة عامرا وقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أسألك عن أمور نسبت إليك.

فقال: سل عما أمر به أمير المؤمنين.

فقال: ما لك تعزف عن سنة رسول الله، وتأبى أن تتزوج؟


(١) أعلام المسلمين ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>