يركبوا، فقيل له: ولم؟ قال: أما ترون إلى عدوكم قد نودي فيهم بالنهوض لكم، قال أحدهم: إنما نهوضهم للصلاة، فقال رستم: أكل عمر كبدي.
شعر الأعداء بالرعب من سنة واحدة وهي السواك فكيف لو تمسك المسلمون بالسنن كلها
[خوف قيصر ملك الروم]
في السنة الخامسة عشرة تقهقر هرقل بجنوده، وارتحل عن الشام إلى بلاد الروم، وكان هرقل كلما حج إلى بيت المقدس وخرج منها يقول: عليك السلام يا سورية، سلام مودع لم يقض منك وطرا وهو عائد، فلما عزم على الرحيل من الشام، التفت إلى بيت المقدس، وقال: وعليك السلام يا سورية سلاما لا اجتماع بعده، ثم سار هرقل إلى القسطنطينية واستقر بها ملكه، وقد سأل رجلا ممن اتبعه، كان قد أسر مع المسلمين، فقال: أخبرني عن هؤلاء القوم.
فقال: أخبرك كأنك تنظر إليهم، هم فرسان بالنهار رهبان بالليل، ما يأكلون في ذمتهم إلا بثمن ولا يدخلون إلا بسلام، يقضون على من حاربوه حتى يأكلوا عليه، فقال. لئن كنت صدقتني ليملكُن موضعي قدمي هاتين.
لن نشعر بالعزة إلا عندما نتمسك بقيام الليل وصلاة الفجر
[ما أعزكم آل الخطاب!]
في ذات سنة قدم سليمان بن عبد الملك مكة حاجا، فلما أخذ يطوف طواف القدوم، أبصر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب يجلس في الكعبة في خضوع، فلما فرغ الخليفة من طوافه، توجه إلى سالم فأفسح له الناس الطريق حتى أخذ مكانه بجانبه، وكاد يمس بركبته ركبته، فلم ينتبه له سالم ولم يلتفت إليه، لأنه كان مستغرقا فيما هو فيه، مشغولا بذكر الله عن كل شيء، وطفق الخليفة يرقب سالما بطرف خفي يلتمس فرصة يتوقف فيها عن التلاوة، فلما واتته الفرصة مال عليه وقال: السلام عليك يا أبا عمر ورحمة الله.
فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
فقال الخليفة بصوت خفيض: سلني حاجة أقضها لك يا أبا عمر، فلم يجبه سالم