للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيء يجعله السيد على عبده يؤديه يوميا في كسبه يكون لعبده. وهكذا كان أبو بكر يخاف من حساب ربه يوم القيامة.

[ورع وخوف]

روى أبو نعيم في الحلية: أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - كانت له امرأتان فإذا كان يوم إحداهما لم يتوضأ من بيت الأخرى، ثم توفيتا في السقم الذي أصابهما بالشام فدفنتا في حفرة فأسهم بينهما أيتهما تقدم في القبر خوفا من ربه.

إنه يخاف من حساب ربه، فكان ورعا في دفنهما، والمسلم يجب عليه العدل بين الزوجتين في كل شيء من باب الورع.

قال الحسن البصري: أدركنا أقواما كانوا يتركون سبعين بابا من الحلال خشية الوقوع في الحرام.

[نموذج فريد]

استعمل عمرو بن سلمة على أصبهان فقدم ومعه ماله وزقاق فيها عسل وسمن، فأرسلت أم كلثوم بنت علي إلى عمرو تطلب منه سمنا وعسلا، فأرسل إليها ظرف عسل وظرف سمن، فلما كان الغد خرج علي وأحضر المال والعسل والسمن ليقسم، فعد الزقاق فنقصت زقين، فسأله عنهما، فكتمه وقال: نحن نحضرهما، فعزم عليه إلا ذكرها له، فأخبره، فأرسل إلى أم كلثوم فأخذ الزقين منها فرآهما قد نقصا فأمر التجار بتقويم ما نقص منهما، فكان ثلاثة دراهم، فأرسل إليها فأخذها منها ثم قسم الجميع (١).

[إنما هاجر به أبوه]

عن نافع أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان قد فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته؟

فقال: "إنما هاجر به أبوه، يقول: ليس كمن هاجر بنفسه" [رواه البخاري].

وهذا من ورع عمر بن الخطاب حتى مع أبنائه، وإنه لمثال لكل مسئول في بلاد


(١) علي بن أبي طالب للصلابي (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>