-واسمه صخر بن المبارك- عن ذلك فيقول: "كنا غلمانا في الكتاب، فمررت أنا وابن المبارك برجل يخطب، فطالت خطبته، فلما انتهى قال لي ابن المبارك: قد حفظتها فقلت له: فأعدها علي إن كنت حفظتها كما تدعي، فأعادها عليه ابن المبارك وقد حفظها ولم يخطيء في لفظ منها.
ومن وصايا لقمان الحكيم: يا بني اختر المجالس على عينك، وإذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم، فإنك إن تكن عالما نفعك علمك، وإن تكن جاهلا يعلموك، ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فيصيبك بها معهم، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإنك إن تكن عالما لا ينفعك علمك، وإن تكن جاهلا زادك الله غيا -أو عيا- ولعل الله أن يطلع عليهم بعذاب فيصيبك معهم. (الدارمي).
وكان الرشيد معجبا بذكاء ابنه وانصرافه إلى العلم، فحين دخل على المأمون، وهو ينظر في كتاب، قال له: ما هذا؟
فأجاب المأمون: كتاب يشحذ فكرة، ويحسن العشرة.
فقال الرشيد: الحمد لله الذي رزقني من يرى بعين قلبه أكثر مما يرى بعين جسمه.
ويحكى أن الرشيد أراد الحج فدخل الكوفة وطلب المحدثين علماء الحديث فلم يتخلف إلا عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون، فحدثهما ابن إدريس بمائة حديث، فقال المأمون: يا عم أتاذن لي أن أعيدها من حفظي؟ فأداها فعجب ابن إدريس من حفظه.
[الذكاء والعلم]
جاءت امرأة إلى المأمون، وقالت له: مات أخي، وترك ستمائة دينار، فأعطوني دينارا واحدا، وقالوا: هذا ميراثك من أخيك.