كهولاً كانوا أو شبابًا- فقال عيينة: يا ابن أخي استأذن لي أمير المؤمنين، فاستأذن له فلما دخل قال: هيه يا ابن الخطاب، فوالله لا تعطينا الحق ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله يقول لنبيه:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩] وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند حدود الله.
[تذكر عفو ربك]
غضب هارون الرشيد على رجل فهمَّ بعقابه فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي. فعفا عنه الرشيد.
وقال أبو الدرداء لرجل أسمعه كلاما أغضبه: يا هذا، لا تغرقن في سبي، فإنا لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
وغضب أمير المؤمنين هارون الرشيد على رجل كان يدعي حميد الطوسي، فدعا له بالسياف ليقتله، فبكى حميد وأخذ يعتذر ثم قال له: مولاي، لا أبكي خوفا من الموت، إنما أبكي لأنني سأموت وأنت غاضب علي، فضحك أمير المؤمنين هارون، وقبل عذره، وعفا عنه، ثم قال للرجل: إن الكريم إذا خادعته انخدع.
إذا غضبت فتذكر عفو الله عن ذنوبك الكثيرة.
[والكاظمين الغيظ]
جاء عن علي زين العابدين بن الحسين أن غلامه كان يصب له الماء بإبريق مصنوع من الخزف، فوقع الإبريق على رجل زين العابدين فانكسر الإبريق، وجرحت رجل زين العابدين، فغضب، وتغير وجهه.
فقال الغلام: سيدي، يقول الله تعالى:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}.
فقال زين العابدين: لقد كظمت غيظي.
فقال الغلام: ولقول تعالى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}.