فسمعت مناديا يقول: اليوم لا ينفع الندم .. سوف تجازى بما عملت .. أين كنت في أوقات الصلوات؟ أين كنت عندما أتتك أوامر الله؟ لتمتثل الأوامر وتجتنب النواهي؟ كنت غافلا عن ربك .. قضيت أوقاتك في اللعب واللهو والغناء، وجئت الآن تبكي .. سوف ترى عذابك .. زادت حسرتي لما سمعت المنادي يتوعدني بالعذاب .. بكيت وبكيت ولكن بلا فائدة.
وفي هذه اللحظة العصيبة استيقظت من نومي .. تحسست نفسي فإذا أنا على فراشي.
لم أصدق أني كنت أحلم فقط حتى تأكدت من نفسي .. تنفست الصعداء، ولكن الخوف ما زال يتملكني، ففكرت، وقلت في نفسي: والله إن هذا إنذار لي من الله .. ويوم الحشر لابد منه، إذن لماذا أعصي الله؟ لم لا أصلي؟ لم لا أنتهي عما حرم الله؟ أسئلة كثيرة جالت في خاطري حتى أنجو في ذلك اليوم العظيم، أصبح الصباح، وصليت الفجر، فوجدت حلاوة في قلبي، وفي ضحى ذلك اليوم نزلت إلى سيارتي .. نظرت بداخلها فإذا هي مليئة بأشرطة الغناء .. أخرجتها واكتفيت ببعض الأشرطة الإسلامية النافعة، بقيت على هذه الحال، في كل يوم أتقدم خطوة إلى طريق الهداية التي أسأل الله أن يثبتني وإياكم عليها ..
ويقول ابن الجوزي: ابك على نفسك قبل أن يبكى عليك، وتفكر في سهم قد صوب إليك، وإذا رأيت جنازة فاحسبها أنت، وإذا عاينت قبرا فتوهمه قبرك، وعد باقي الحياة ربحا (١).
تفكر في مشيك والمآب ... ودفنك بعد عزك في الزاب
إذا وافيت قبرا أنت فيه ... تقيم به إلى يوم الحساب
وفي أوصال جسمك حين تبقى ... مقطعة ممزقة الإهاب
فلولا القبر صار عليك سترا ... لأنتنت الأباطح والروابي
خلقت من التراب فصرت حيا ... وعُلمت الفصيح من الخطاب
وعدت إلى التراب فصرت فيه ... كأنك ما خرجت من التراب