فقال: يا ابن هبيرة خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، واعلم أن الله جل وعز يمنعك من يزيد، وأن يزيد لا يمنعك من الله، يا ابن هبيرة، إنه يوشك أن ينزل بك ملك غليظ شديد لا يعصي الله ما أمره، فيزيلك عن سريرك هذا، وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، حيث لا تجد هناك يزيد، وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد، يا ابن هبيرة إنك إن تك مع الله تعالى وفي طاعته يكفك بائقة يزيد، واعلم يا ابن هبيرة أنه لا طاعة لمخلوق -كائنا من كان- في معصية الخالق عز وجل. فبكى عمر بن هبيرة حتى بلت دموعه لحيته، ومال عن الشعبي إلى الحسن، وبالغ في إكرامه، فلما خرجا من عنده توجها إلى المسجد، فاجتمع عليهما الناس، وجعلوا يسألونهما عن خبرهما مع الأمير، فالتفت الشعبي إليهم وقال: أيها الناس من استطاع منكم أن يؤثر الله عز وجل على خلقه في كل مقام فليفعل، فوالذي نفسي بيده ما قال الحسن لعمر بن هبيرة لا أجهله، ولكني أردت فيما قلته ابن هبيرة، وأراد فيما قاله وجه الله، فأقصاني الله من ابن هبيرة وأدناه منه وحببه إليه (١).
المسلم لا يخشى في الله لومة لائم وإنما يقول كلمة الحق لوجه الله.