ووقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - فوق جسد جليبيب يدعو له بخير، ويقول:"جزاك الله خيرا يا جليبيب، قتلت سبعة قبل أن يقتلوك"، ثم وضعه على ساعديه وهو يقول:"هذا مني، وأنا منه"، ثم أمر فحفر له، ووسده الرسول القائد في قبره بيديه الشريفتين، وفاء له.
من الوفاء أن تذكر ماضيك:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عز وجل أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل -أو قال: البقر هو شك في ذلك إن الأبرص والأقرع قال أحدهما: الإبل، وقال الآخ: البقر- فأعطي ناقة عشراء فقال: يبارك لك فيها، وأتى الأقرع، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عني هذا قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب، وأعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أحب اليك؟ قال: البقر، قال: فأعطي بقرا حاملا وقال: يبارك لك فيها، وأتى الأعمى فقال: أي شىء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلى بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة والدا فأنتج هذان وولَّد هذا فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من غنم، ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين تقطعت بي الجبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال له: إن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرصا يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأقرع في عورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا، فرد عليه مثل ما رد عليه هذا فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الجبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشىء أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك"[رواه البخاري].
إذا رأيت فقيرا فتذكر فقرك في الأيام السابقة واحمد ربك وقف بجانبه.