وقد أشارت آيات من القرآن إلى وصف الرزق بالكرامة فقال تعالى:{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[سبأ: ٤] كما وصف الله تعالى القول بالكريم فقال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء: ٢٣] أي لينا سهلا، كما وصف كتاب سليمان إلى ملكة سبأ في قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)} [النمل: ٢٩ - ٣٠] ووصف الله به الديار فقال عز وجل: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦)} [الدخان: ٢٥ - ٢٦] ووصف به ألوان النبات فقال تعالى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠)} [لقمان: ١٠] وكرامة أزواج النبات في نفاستها ومنفعتها وقيمتها.
وكما وصف الحق عز وجل جانبًا من مخلوقاته بالكريم تجده عز وجل ينفيها عن بعض مخلوقاته كقوله تعالى في وصف الجحيم: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)} [الواقعة: ٤١ - ٤٤] وكرامة الظل في الروح المنعش الذي يذهب كرب الحر، ومن مظاهر كرمه أن جعل الدنيا ملكا للعباد فقال تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] وكذلك جعل الآخرة ملكا لهم فقال تعالى: {جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: ١٣٣] ومن كرمه أنه سخر للإنسان ما في السماوات والأرض، قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}[الجاثية: ١٣] كما أن المولى عز وجل يضاعف الثواب للمتقين في سبيله أضعافا مضاعفة، قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٦١] وقد تصل الزيادة في الثًواب بغير حساب، قال تعالى:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠].
والكرم قسمان:
مادي وخلقي؛ فالمادي هو إطعام الطعام وكسوة الأيتام وصلة الأرحام، والخلقي هو العفو عن الجاني وإن تكررت الإساءة، وستر عورة الإخوان.
وللكرم فضل كبير، وفائدة عظمى للفرد والمجتمع، فالكريم يحبه الله تعالى ويحبه