للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندما كنت في سن ٢٤ سنة قامت بإعطائك أثاث شقتك الأولى أنت كافأتها بإخبار أصدقائك بأنه أثاث بشع.

عندما كنت في سن ٢٦ سنة قامت بمساعدتك في مصاريف زواجك، وبكت الدموع، وأخبرتك عن مدى حبها لك، أنت كافأتها بالرحيل والسكن إلى أبعد منطقة في البلاد.

عندما كنت في سن ٣٠ سنة قامت بمناداة طفلك وتوجيهه ببعض النصائح، أنت كافأتها بقولك: الأمور تغيرت الآن.

عندما كنت في سن ٤٠ سنة قامت بالاتصال بك لتذكرك بمرض أحد أقاربك، أنت كافأتها بقولك: بجد .. الآن مشغول جدا.

عندما كنت في سن ٥٠ سنة أصابها مرض، واحتاجت وجودك للاعتناء بها، أنت كافأتها بالشكوى المستمرة من أعبائك وأعباء أسرتك.

وبعد ذلك وفي يوم من الأيام، ماتت بهدوء، والشيء الوحيد الذي لم تقم به من قبل، قد أتى وقته يدوي مثل الرعد، بدأت تذرف الدموع لأن الحياة بدونها بلا معنى، بدأ ضميرك يشعرك بالندم لأنك لم تعطها حقها (١).

قال الحسن البصري: ما يعدل بر الوالدين شيء من التطوع لا حج ولا جهاد (٢).

وبكى إياس بن معاوية -رحمه الله- حين ماتت أمه فقيل له في ذلك فقال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة فأُغلق أحدهما.

احرص أخي الحبيب ألا تنام ليلة من الليالي وأحد والديك غضبان عليك وبالأخص أمك.

وكان من بر طلق بن حبيب أحد التابعين: أنه يقبل رأس أمه وكان لا يمشي فوق ظهر بيت وهي تحته إجلالا لها (٣).

إياك أن تعق والديك، فإن عققتهما فبادر بالتوبة والاستغفار كما بادر ابن عونة -رحمه الله- حين عن والدته فكفر عن ذلك العقوق بعتق رقبتين حيث قال: نادتني أمي


(١) مجلة الزهور العدد ٢٢، ص ٦١.
(٢) الوقت عمار أو دمار: ٦١.
(٣) الوقت عمار أو دمار ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>