حياتهم، فأعطاهم حزمة كبيرة من الحطب، وطلب من كل منهم أن يكسرها بمفرده، فحاول كل واحد أن يكسرها، لكنه، لم يستطع لشدة قوتها وصلابتها.
أخذ الأب الحزمة، وفكها إلى أعواد، وأعطى كل واحد منهم عودًا، فكسره بسهولة فقال الأب لأبنائه: إنكم يا أبنائي مثل هذه الحزمة إذا اتحدتم وكنتم يدًا واحدة فلن يستطيع أحد مهما بلغت قوته أن يغلبكم، وإن تفرقتم فسوف يصيبكم لضعفكم، ويتمكن عدوكم منكم، فعليكم يا أولادي بالتعاون في قضاء أموركم فإن في التعاون قوة.
الوزير النبي:
طلب سيدنا موسى -عليه السلام- من ربه أن يكون أخوه مساعدًا له يتعاون معه على تبليغ رسالته فقال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (٣٥)} [طه: ٢٩ - ٣٥].
وهكذا لا يستطيع الداعية أن يؤثر في الناس بمفرده لابد أن يتعاون مع إخوانه في دعوة الآخرين بشتى الطرق.
حفر الخندق
كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشترك مع الصحابة في حفر الخندق، يقول البراء بن عازب - رضي الله عنه -: رأيته - صلى الله عليه وسلم - ينقل تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل التراب، ويقول - صلى الله عليه وسلم -:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا
قال: ثم يمد بها صوته بآخرها.
لم يتكبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه بل تعاون معهم في أشد اللحظات وأصعب الأمور، وما أعظمه من قائد!
تعاون في بناء المسجد الأول
كانت أول خطوة خطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة هي إقامة المسجد النبوي، ففي