للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشيء، ثم جاءت حافلة في يوم اللقاء لتقلنا إلى ديوان "شلتئيل" وأخذت وأنا في الحافلة أفكر في استعلاء هذا الرجل وهيبته في نفوس الشباب وكيفية انتزاع هذه الهيبة من نفوسهم، ولقد وطنت نفسي على فعل شيء ما ولكني لا أعلمه، ولكن كان لدي استعداد تام أن أتصدى له إذا تصرف بطريقة لا تليق، ووصلت الحافلة ودخلنا ديوانه فكان عن يميننا داخل القاعة منصة مرتفعة حوالي ٣٠ سنتيمترا عن باقي الغرفة، وعليها عدد من الكراسي، وعن شمالنا كانت هناك عدة صفوف من الكراسي المعدة لنا، فجاء رؤساء الأقسام المختلفة وجميعهم من الحاصلين على رتب عسكرية في الجيش، ومن بينهم مسئول أحد الأقسام قد كان في الماضي نائب الحاكم العسكري لمدينة "خان يونس" وكان يعرفني مسبقا، وكان نائب "شلتئيل" أيضا يجلس على المنصة مع رؤساء الأقسام، وجلس المعتقلون المملثون لكل الفصائل على الكراسي المعدة لهم وجها لوجه مع رؤساء الأقسام تفصلنا عنهم مسافة لا تزيد على مترين، ولقد جلست في الصف الأول في الكرسي الأول الأقرب إلى باب الديوان، ثم بعد وقت قليل دخل "شلتئيل" وكان رجلا طويل القامة ضخم الجثة فالتفت بطريقة عسكرية وأشار بيده فوقف الشباب وبقيت جالسا، وكان هذا اللقاء هو اللقاء الأول بيني وبينه فلا يعرفني، فاقترب مني وقال: لماذا لا تقف؟

فقلت له: أنا لا أقف إلا لله وأنت لست إلها ولكنك مجرد إنسان وأنا لا أقف للبشر.

فقال: يجب عليك أن تقف، فأقسمت بالله يمينا مغلظا ألا أقف، فأصبح في حالة من الحرج الشديد ولم يدر ما يفعل، حاول التدخل أحد قادة فتح في المعتقل -وهو العقيد "سامي أبو سمهدانة"- ليخبره أنني إذا قررت لا أتراجع، فرفض الاستماع إليه وأصر على موقفه، ولكني أبيت بشدة، فقال نائبه: يا دكتور هنا يوجد بروتوكول يجب أن يحترم.

فقلت له: ديني أولى بالاحترام ولا يجيز لي الإسلام أن أقف تعظيما لمخلوق.

فقال: وما الحل؟

فقلت: إما أن أبقى جالسا أو أعود إلى خيمتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>